ابوعلاوى نائب المدير العام
رقم العضويه : 3 عدد المساهمات : 48 تاريخ التسجيل : 02/08/2010 العمر : 63
| موضوع: التحفة الوفية بمعاني حروف العربية إبراهيم بن محمد بن إبراهيم السفاقسي 742هـ / الجزء الثاني الخميس أغسطس 05, 2010 4:54 pm | |
| [رب] ومنها (رُبَّ) على الصحيح[229] خلافاً للكسائيّ[230] وابن الطراوة[231] في أنّها اسمٌ.
ومعناها التقليل[232]، وقيل: التكثير مطلقاً[233]، وقيل:
في أماكن المباهاة والافتخار[234]، وقيل: لا تدلّ على تقليلٍ ولا تكثيرٍ وضعاً[235]، وإنما يفهم من السياق[236].
وَتَجُرُّ النكرةَ، نحو: رُبّ رجلٍ أكرمته، والمضافَ إلى ضميرٍ مجرورٍ عائدٍ إلى مجرورها، نحو: ربّ رجلٍ وأخيه، والضميرَ مفرداً مذكّراً مطلقاً مفسّراً بنكرةٍ منصوبةٍ على التمييز، نحو: ربّه رجلاً، ورجلين، ورجالاً، وامرأةً، وامرأتين، ونساءً.
وأجاز الكوفيّون مطابقة التمييز للضمير[237].
وتجرُّ مضمرةً بعد فاء الشرط، كقوله:
23- فإن أهلِكْ فذِي حَنقٍ لَظاهُ
تَكادُ عليَّ تَلْتَهِبُ الْتِهابا[238]
وفي الجرّ بها بعد (بل) نحو:
24-
بل بلدٍ ذي [صُعُدٍ و][239] أوصابْ[240]
وبعد الواو والفاء خلافٌ[241].
و(ربّ) عندهم كالحرف الزائد، فيحكم على موضع مجرورها بالرفع على الابتداء إن كان الفعل الذي بعدها رافعاً ضميرَهُ، نحو: ربّ رجلٍ قام، أو سَببَيَّهُ نحو: ربّ رجلٍ أكرمَ أخوه عمراً، وبالنصب إن اقتضاه الفعل الذي بعدها مفعولاً، ولم يأخذه، نحو: رُبّ رجلٍ أكرمتُ.
وبالوجهين / إن كان مشغولاً بضمير مجرورها أو سببيّه نصباً، نحو: [3ب] ربّ رجل أكرمتُهُ وأكرمتُ أخاه، ويجوز العطف على مجرورها لفظاً وموضعها.
[خلا وعدا وحاشا] ومنها (خلا)، و(عدا)، و(حاشا) في باب الاستثناء، ومعناها معنى (إلا).
وتكون أيضاً (خلا)[242] و(عدا) فعلاً إذا انتصب ما بعدهما، نحو: قام القوم خلا زيداً، وعدا زيداً.
و(حاشا) عند سيبويه[243] لا تكون إلا حرفاً جارّاً، وسَمِعَ غيرُه[244] النصبَ بها، فتكون فعلاً[245]: (اللهمَّ اغْفِرْ لي ولمن يسمع حاشا الشيطانَ وأبا الأصبع)[246].
[مذ، ومنذ] ومنها (مُذْ)، و(مُنْذُ): والمشهور أنّهما حرفان إذا انجرّ ما بعدهما، واسمان إذا ارتفع، وقيل: اسمان مطلقاً، وقيل: حرفان مطلقاً[247].
ومعناهما ابتداءُ الغايةِ إن كان ما بعدهما غيرَ معدودٍ، [و] كان حالاً، نحو: ما رأيته مذ اليومُ، أي: أوّلُ انقطاعِ الرؤيةِ.
والغايةُ إن كان معدوداً، نحو: ما رأيته مذ يومان، أو ماضياً غيرَ معدودٍ، نحو: ما رأيته مذ يومُ الجمعةِ، أي: أمَدُ انقطاعِ رؤيتي له يومان، أو يومُ الجمعةِ إلى الآن.
وعامّة العرب على الجرّ بهما إنْ كان [ما بعدهما][248] حالاً، نحو: مذ الساعة.
وإن كان ماضياً، والكلمة (مذ)، فالرفعُ، وَقلَّ[249] الجرُّ، أو (منذ) فالجرّ، وَقَلَّ الرفعُ. وإن انجرَّ ما بعدهما[250] بما قبلهما، وكان الكلامُ جملةً واحدةً.
وإذا ارتفع فالصحيح أنّه خبرٌ عن (مذ) و(منذ)[251]، ومعناهما: أمدٌ، أو أوّلُ[252]، وقيل: هو مبتدأ، و(مذ) و(منذ) خبران[253].
وقال الكسائيّ: إنّه فاعلٌ بفعلٍ مضمرٍ[254]، وقال بعض الكوفيّين: إنّه خبرُ مبتدأ مضمرٍ[255].
[الواو] ومنها (الواوُ): وتجرُّ في القَسَمِ الظاهرَ دون المضمرِ، ونائبة عن (رُبّ) على خلافٍ فيها[256].
[الفاء] ومنها (الفاءُ)، وتجر نائبةً عن (رُبّ)، نحو
25- فَمِثْلِكِ حُبْلَى[257].
على خلافٍ فيها[258].
[التاء] ومنها (التاءُ)، وتجرُّ في القَسَمِ خاصّةً، نحو: تاللهِ، وسُمِعَ: تَرَبِّ الكعبةِ[259].
[الميم] ومنها (مُ) مضمومةً ومكسورةً[260]، وتجرُّ في القَسَمِ الاسمَ المعظّمَ خاصّةً، نحو:
مُ اللهِ، وزعم بعضهم[261] أنّها اسمٌ بَقِيّةُ (أيْمُن).
[من] ومنها (مِن) – مثلّثةَ الميمِ[262] –، وتجرُّ في باب القَسَمِ الرَّبَّ[263]، نحو: مُنْ ربّي، وقَلَّ دخولُها على اسم اللهِ[264].
[الهاء والهمزة] ومنها (الهاءُ، والهمزةُ) لاستفهامٍ أو قطعٍ، نحو: هالله، وألله[265]، ولا تجرُّ إلا في القَسَمِ اسمَ اللهِ فقط، وقيل: الجرّ بحرفٍ مقدّرٍ بعدها[266].
[لولا] ومنها (لولا) إذا اتّصلَ بها ضميرٌ صورتُهُ صورةُ المجرورِ على مذهب سيبويه[267]، نحو: لولاي، ومنه:
26- وَكَمْ مَوْطِنٍ لولاي طِحْتَ كما هَوى
بأجرامِهِ مِنْ قُلةِ النِّيقِ مُنْهَوِي[268]
ومذهب الأخفش[269] والمبرّد[270] أنّها لا تجرّ؛ لأنّ الأخفش تأوّل ما وَرَدَ من ذلك / على أنّه من وَضْعِ الضميرِ المجرورِ موضعَ المرفوعِ، كقولهم: ما أنا [4أ] كأنتَ، ولا أنت كأنا، والمبرّد أنكره[271].
[لعل] ومنها (لَعَلّ) في لغة عُقَيْلٍ[272] – مفتوحةَ اللام ومكسورتَها – نحو قوله:
27- فقلتُ: ادعُ أخرى وارفعِ الصوتَ تارةً
لَعَلَّ أبي المغوار منك قريبُ[273]
وقوله:
28- لَعَلَّ اللهِ فضّلكم علينا
بشيءٍ أنّ أمَّكُمُ شَرِيمُ[274]
وقيل[275]: هي غيرُ جارّةٍ، والمجرورُ بعدها بحرفٍ مقدّرٍ، واسمها ضميرُ شأنٍ محذوفٌ، أي: لَعَلَّهُ لأبي المغوار، وقيل[276]: المكسورةُ جارّةٌ دون المفتوحة.
[كي] ومنها (كي)، وتجرّ (ما) في الاستفهام، نحو: كَيْمَهْ، أي: لِمَهْ؟، والاسم المأوّل بالمصدر فقط، نحو: جئت كي أقرأ، إذا أضمرت بعدها (أنْ)[277].
[متى] ومنها (متى)، وسُمِعَ الجرُّ بها في لغة هُذَيْلٍ[278]، ومنه:
7- شرِبْنَ بماءِ البحرِ ثمَّ تَرَفَّعَتْ
متى لُجَجٍ خُضرٍ لَهُنَّ نَئِيجُ[279]
أي: مِنْ لُجَجٍ.
[بَلْه] ومنها (بَلْهَ) إذا جرّتْ، قاله أبو الحسن[280]، نحو:
29-
بَلْهَ الأكُفِّ كأنّها لم تُخْلَقِ[281]
[مَعْ] ومنها (مَعْ) إذا سكنتْ عينُها[282]، والصحيح أنّها ليست بحرفٍ كالمحرّكة العين[283].
النوع الثاني: الناصب فقط[284].
وهو أربعة:
(أنِ) المصدريّة، و(إذَنْ)، و(لَنْ)، و(كَيْ) في لغة من يقول:
لِكَيْ؛ فإنّها[285] تعمل ظاهرةً ومضمرةً في مواضع مخصوصة، وباقي أخواتها لا يعمل إلا ظاهراً.
وإضمارُها واجبٌ وجائزٌ.
فالواجب بعد ثلاثةٍ من حروف الجرّ، وهي: (كَيْ) الجارّة، ولام الجحود، و(حتّى).
وثلاثةٍ من حروف العطف، وهي: الفاء، والواو، في الأجوبة، و(أو) بمعنى (إلا).
فأمّا (كَيْ) فنحو: جئت كَيْ أقرأ، على لغة مَنْ يقول: كَيْمَهْ[286].
ولا يتعيّنُ إضمارُها بعد (كَيْ)؛ لاحتمال أن تكون (كَيْ) الناصبةَ بنفسها.
وأمّا لام الجحود فنحو: "ما كان الله ليذر"[287].
وشرطها أن تكون بعد كونٍ منفيِّ ماضٍ إمّا لفظاً ومعنًى[288]، نحو: ما كان، أو معنًى فقط، نحو: لم يكن[289]، وإلا كانت لام (كَيْ).
وهي عند الكوفيّين ناصبةٌ بنفسها، وزِيدتْ لتأكيد النفي، وعند البصريّين النصب بـ(أنِ) المضمرة بعدها[290]، وهي منويّةٌ للبعديّة، والخبرُ محذوفٌ، أي: ما كان الله مريداً لأن يذر.
وأمّا (حتّى) فللغاية، كقوله تعالى: "وزلزلوا حتّى يقول"[291].
وللتعليل [نحو]: أسلمتُ حتّى[292] أدخلَ الجنّةَ.
وليستْ ناصبةً بنفسها خلافاً لبعضهم[293]، ويجب نصبُ ما بعدها إنْ كانَ ما قبلها غيرَ مُوجَبٍ، نحو: ما سرتُ حتْى تطلعَ الشمسُ، خلافاً للأخفش[294] في جواز الرفع، أو موجباً غيرَ سببيٍّ[295] نحو: سرتُ [حتّى تطلعَ الشمسُ][296]، أو هي مع ما بعدها في موضعِ خبرٍ، نحو: كان سيري حتّى أدخلَ البلدَ[297]، فإنْ لم يكنْ في موضع خبرٍ جاز الرفعُ والنصبُ سواءً تطاولَ الفعلُ قبلها، نحو: سرتُ حتى أدخلَ، أو قَصُرَ، نحو: وَثَبْتُ / حتّى آخذَ بيدكَ، خلافاً للفرّاء[298] في وجوب الرفع في الثاني. [4ب]
ومهما كَثُرَ السببُ رَجَحَ الرّفْعُ، نحو: كَثُرَ ما سِرْتُ حتّى أدخلُ، ومهما قَلّ رَجَحَ النّصبُ، نحو: قلّما سرت حتّى أدخلَ[299].
فأمّا (الواو) و(الفاء) ففي جواب أمرٍ، سواء كان بصيغة فعلٍ أو مصدرٍ، نحو: اضربْ زيداً، أو: ضرباً زيداً، فتغضبَهُ، فإن كان اسمَ فعلٍ بمعنى الأمر فـ[ثلاثة مذاهب][300]:
ثالثها: إن كان مشتقْاً، كنزالِ، جاز النصب بعد الفاء، وإلا لم يجز، كـ: صه[301].
وفي جواب النهي[302]، كقوله تعالى: "لا تفتروا على الله كذباً فَيُسْحِتكم"[303].
أو الاستفهامِ، كقوله تعالى: "فهل لنا من شفعاءَ فيشفعوا لنا"[304].
أو التمنّي، كقوله تعالى: "يا ليتنا نردُّ ولا نكذِّبَ"[305].
أو الترجّي، كقوله تعالى: "لعلي أبلغُ الأسبابَ أسبابَ السمواتِ فأطّلعَ"[306].
أو التحضيض، نحو: هلا نزلتَ عندنا فنكرمَك، والعَرْضِ، نحو: ألا تنزل عندنا فنكرمَك.
أو الدعاءِ، نحو: غفر الله لزيد فيرحمَهُ[307]، وقيل: لا نَصْبَ بعده[308].
أو بعد فعلِ شكٍّ، نحو: حسبتُهُ يشتمني فأثِبَ عليه[309]، وفيه خلافٌ[310].
أو فِعْلِ شَرْطٍ، نحو:
30- ومَنْ لا يقدّمْ رِجْلَهُ مطمئنَّةً
فَيُثْبِتَها في مستوى الأرض تَزْلَقِ[311]
ومن الجائز تقدّمُ لام (كَيْ) إذا لم تتصل[312] بها (لا)، نحو: جئتُ لأقرأ، فإن شئت: لأن.
فإنِ اتّصلتْ بها (لا) وَجَبَ إظهارُ (أن)، نحو: لئلا.
وبعد عاطِف فعلٍ على اسمٍ ملفوظٍ به، نحو: يعجبني قيامُ زيدٍ، ويخرجَ عمرٌو.
وما عداه هذه المواضع لا تعمل إلا مظهرةً إلا ما سُمِعَ، نحو: (تسمعَ بالمعيديّ خيرٌ من أن تراه)[313]، أي أنْ تسمعَ.
[لن] وأما (لَنْ) فلنفي (سيفعل)، وهي بسيطةٌ وفاقاً لسيبويه[314]، لا مركبةٌ خلافاً للخليل[315].
ويجوز تقديمُ منصوب منصوبها عليها إذا لم يكن تمييزاً، نحو: زيداً لن أضربَ، ولا يجوز: عرقاً لن يتصبّبَ زيدٌ؛ لأنّه تمييزٌ، وحُكِيَ عن الأخفش[316] منعُ تقديمِ منصوبِ منصوبها عليها مطلقاً.
وحُكِيَ أيضاً الجزمُ بها[317]، وأنشدَ ابنُ الطراوةِ[318] عليه:
31- لن يَخِبِ الآن مِنْ رجائك مَنْ
حرّك من دون بابك الحَلَقَهْ[319]
[إذن] وأما (إذَنْ) فجوابٌ وجزاءٌ، نحو: أزورك، فتقول: إذنْ أُحْسِنَ إليك، وقد تأتي جواباً فقط، نحو: أجيئك، فتقول: إذنْ أظنُّك صادقاً، وهي ناصبة بنفسها لا بـ (أنْ) مضمرة بعدها على الصحيح[320]. وشَرْطُها أنْ تكونَ مُصَدَّرَةً، والفعلُ بعدها مستقبلٌ، فإنْ كان حالاً لم تعملْ، نحو: إذن أكرمُك الآن، وإنْ لم تَصَدَّرْ، تأخرتْ نحو: أكرمك إذن، أو توسّطتْ، وما / قبلها مفتقرٌ إلى ما بعدها [5أ] كمبتدأ وخبر، نحو: أنا إذن أكرمُك، أو شرطٍ وجوابِه، نحو: إن تأتني إذن أكرمُك، أو قَسَمٍ وجوابِهِ، نحو: والله إذن أُحسنُ إليك، لم تعملْ أيضاً خلافاً التوسّط، وحُكِيَ[321] أنّ بعض العرب لا ينصب بها مطلقاً.
[كي] وأمّا (كَيْ) فإن دخل عليها حرف الجرّ، نحو: (لكيّ) تعيّن أن تكون ناصبةً بنفسها خلافاً للكوفيّين[322]، وإنْ لم يدخل احتمل أن يكون مقدَّراً، فتكونَ ناصبةً بنفسها، أو لا، فيكونَ النصب بـ (أن) المضمرة بعدها.
النوع الثالث: الجوازم[323] وهي على قسمين: جازمٍ لفعلٍ واحدٍ، وجازمٍ لفعلين.
والجازم لفعلٍ واحدٍ:
(لَمْ): وقد جاءتْ غيرَ جازمةٍ في الشِّعْرِ[324]، كقوله:
32- لولا فوارسُ من نُعْمٍ وأسرتُهُمْ
يومَ الصُّلَيْفاءِ لم يُوفُونَ بالجارِ[325]
لنفي ماضٍ منقطعٍ.
و(لما): لنفي ماضٍ متّصلٍ بزمن الحال.
و(اللام): لأمرٍ، أو دعاءٍ.
و(لا): لنهيٍ، أو دعاءٍ.
والجازم لفعلين:
(إنْ)، و(إذما): على مذهب سيبويه[326]، خلافاً للمبرّد في أنّها ظرفُ زمانٍ أضيفَ إليها (ما)[327]. ولا تجزم إلا مع (ما) على المشهور[328].
وقد جزموا بـ (لو) في الشعر، وشاهده:
33- لو يشأ طارَ به ذو مَيْعَةٍ
لاحِقُ الآطالِ نهدٌ ذو خُصَلْ[329]
وقوله:
34- لو تَعُذْ حينَ فَرَّ قَوْمُكَ بي
كُنْتَ من الأمْنِ في أعَزِّ مَكانِ[330]
ويتضمّن معنى (إنْ) أسماءٌ، فَتَجْزِمُ، وجملٌ.
فالأسماء على قسمين: ظروف، وغير ظروف.
فغير الظروف: (ما)، و(مهما)، و(أيّ)، إذا لم تضف إلى زمان ولا مكان.
وأمّا (كيف) فلا تجزم عند سيبويه[331]، وأجازه الكوفيون[332]، واستكرهه الخليل[333].
والظرفُ زمانيّ، وهو: (متى)، و(أيّان)، و(أيّ)، و(حين)، و(إذا)، ولا يُجْزَمُ بها إلا في الشعر[334] خلافاً للكوفيّين في جوازه عندهم مطلقاً.
والمكانيّ: (أنّى)، و(أيّ)، و(حيثما)، و(أيّ مكان).
والجُمَلُ: الأمر، والنهي، والاستفهام، والتمنّي، والتحضيض، والعَرْضُ، والدعاء، فقيل: ضُمِّنَتْ معنى الشَّرْطِ، فَجَزَمَتْ[335]، وقيل[336]: جُمْلَةُ الشَّرْطِ مقدّرةٌ، والفعل مجزومٌ بها، وهذه لم تَجْزِمْ، فإذا قلتَ: قُمْ أكرمْك، فتقديره: إنْ تقْم أكرمْك.
النوع الرابع: الذي يعمل نصباً ورفعاً، وهو صنفان: أحدهما: الذي ينصب المبتدأ، ويرفع الخبر، وهو:
(إنّ) و(أنّ): ومعناهما التأكيد.
و(ليت): ومعناها التمنّي في المُمْكِنِ وغيرِهِ.
و(لعلّ): ومعناها الترجي في المُمْكِنِ المحبوبِ، والإشفاقُ من المكروهِ، وَزِيدَ في معناها التعليلُ[337]، كقوله تعالى: "قولاً ليّناً لعلّه يتذكّر"[338]، والاستفهامُ، كقوله r لبعض الأنصار: "لعلّنا أعجلناك"[339].
و(كأنّ): ومعناها التشبيه، وقيل: التحقيق[340]، كقوله:
35- وأصبحَ بطنُ مكّةَ مُقْشَعِراً
كأنَّ الأرضَ ليسَ بها هِشامُ[341]
وهي مُرَكَّبَةٌ من كاف التشبيه و(إنّ)، ثمّ صارا كحرف واحدٍ، فلا تتعلّق [5ب] الكافُ بشيءٍ[342]، ولا ما بعدها في موضعِ جرٍّ بها خلافاً لزاعمه[343].
و(لكنّ) ومعناها الاستدراك، وهي بسيطةٌ، لا مُركَّبَةٌ، خلافاً لزاعمه[344].
الصنف الثاني: الذي يرفع المبتدأ، وينصب الخبر، وهو:
(ما)، و(لا)، و(لات)، و(إنْ)، و(ليس) عند من يقول بحرفيتها[345].
[ما] فـ (ما) عند الحجازيّين لا التميميّين[346] بشروط ثلاثة:
[أن][347] يتأخرَ خبرُها عن اسمِها، نحو: ما زيدٌ قائماً، فإنْ تقدّمَ لم تعملْ خلافاً للفرّاء[348].
وأنْ لا يُفْصَلَ بينها وبين اسمِها بـ (إنْ)، نحو: ما إنْ زيدٌ قائمٌ.
وأجاز الكوفيّون عملها وإن فُصِلَ[349].
وأنْ لا يكونَ خبرُها مُوْجَباً، نحو: ما زيدٌ إلا قائمٌ، ولم يَعْتَبِرْهُ يونس[350].
وأعْمَلَها الكوفيّون إذا كان الثاني مُنزَّلاً منزلةَ الأوّلِ، نحو: ما زيدٌ إلا زهيراً شعراً[351].
[لا] وأمّا (لا) فشرطُها أيضاً تنكيرُ معمولِها، نحو: لا رجلٌ قائماً، وقيل: لا يُشْتَرَطُ[352]، وشاهده:
36- وحَلَّتْ سوادَ القلبِ لا أنا باغياً
سِواها ولا في حبِّها مُتراخيا[353]
ونفي الخبرُ، وعَمَلُها عَمَلَ (ليس) قليلٌ، بخلاف (إنْ)، حتّى أنكره بعضهم[354]، وقال بعضهم[355]: تعمل عمل (ليس) في رفع الاسم خاصّةً، لا في نصب الخبر؛ لضعفها[356]، ودليل عملها[357] فيهما قوله:
37- تعزَّ فلا شيءٌ على الأرضِ باقياً
ولا وَزَرٌ مما قضى اللهُ واقياً[358]
[لات] وأمّا (لات) فتاؤها زائدةٌ، كـ (ثُمّتَ) و(رُبّتَ)، وقال ابن أبي الربيع[359]: ((إنّ أصلَها (لَيس)، فَقُلبتْ ياؤها ألفاً، وأُبْدِلَتْ سينُها تاءً)).
ويقوّي هذا قولُ سيبويه: إنّ اسمَها مضمرٌ فيها[360]، ولا يُضْمَرُ إلا في الأفعال.
وتختصّ بالحينِ أو مرادفِهِ، كقوله تعالى: "ولاتَ حينَ مناصٍ"[361]، وكقول رجلٍ من طيئٍ[362]:
38- نَدِمَ البُغاةُ ولاتَ ساعةَ مَنْدَمٍ
والبغيُ مَرْتَعُ مُبْتَغِيهِ وَخِيمُ[363]
وغلب إضمارُ اسمها وإظهارُ خبرها، وقد يرفعون بها الاسم، ويحذفون الخبر، ومنه قراءة: "ولات حينُ مناصٍ" برفعه[364]. [إنْ] وأمّا (إنِ) النافية فأكثر البصريّين أنّها لا تعمل عمل (إنّ)[365]، وَيُنْشَدُ على إعمالها:
39- إنْ هو مستولياً على أحدٍ
إلا على أضعفِ المجانينِ[366]
الباب الثاني: في تقسيم الحروف بحسب ألقابها[367]. وتنتهي إلى خمسين، فمنها:
العطف، وحروفه:
(الواو): للجمع المطلق[368]، لا للترتيب، خلافاً لبعض الكوفيّين[369].
و(الفاء) للتعقيب، وقيل: تأتي لمطلق الجمع كالواو[370]، وقيل بذلك [6أ] في الأماكن[371]، نحو: نزل المطر بمكان كذا فكذا، وقيل: إنّها تأتي بمعنى (حتّى)[372]، كقوله تعالى: "فهم فيه شركاء"[373].
وقيل: إنّها تأتي زائدة[374]، وقد يصحبها معنى السبب، نحو: زنى ماعزٌ – رضي الله عنه[375] – فَرُجِمَ.
و(ثمّ): للمهلة، وقيل: تأتي لمطلق الجمع كالواو[376].
و(حتّى): لمطلق الجمع، كالواو، وقيل: للترتيب[377].
وشرطها: أن يكون ما بعدها جزءاً ممّا قبلها، نحو: قَدِمَ الحاجُّ حتّى المشاةُ، أو ملابِسَهُ، نحو: خرج الصيّادون حتّى كلابُهم.
وهذه الأربعةُ تشتركُ في الإعراب والمعنى.
و(أو) للشكِّ: نحو: جاء زيدٌ أو عمرٌو.
وللإبهامِ، كقوله تعالى: "أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً"[378].
أو للتفصيلِ[379]، كقوله تعالى: "وقالوا كونوا هوداً أو نصارى"[380].
أو للتخييرِ، نحو: خُذْ من مالي ديناراً أو درهماً.
أو للإباحةِ، نحو: جالِسِ الحسن[381] أو ابن سيرين[382].
ويجمع هذه أنّها لأحد الشيئين أو الأشياء.
وَزِيدَ (بمعنى الواو)[383]، كقول امرئ القيس[384]:
40- فَظَلَّ طُهاةُ اللحمِ مِنْ بَيْنِ مُنْضِجٍ
صَفِيفَ شِواءٍ أو قَدِيرٍ مُعَجِّلِ[385]
وبمعنى (بل)، نحو:
41- بَدَتْ مِثْلَ قَرْنِ الشمسِ في رونقِ الضحى
وصورتِها أو أنتِ في العينِ أملحُ[386]
و(إمّا) المسبوقة بمثلها على مذهب الأكثر[387]، ومذهب أبي عليٍّ[388] وابنِ كيسانّ[389] أنّها ليستْ بعاطفةٍ، والعطفُ بالواو قبلها.
وتجيء لشكٍّ، أو إبهامٍ، أو تخييرٍ.
والأفصحُ كسرُ همزتِها، وجاء فتحها[390]، والأفصحُ أن تُستعمَلَ أيضاً مكرّرةً[391].
والفرق بينها وبين (أوْ) أنّ الكلام معها أوّلاً مبنيٌّ على الشكّ، بخلاف (أوْ)[392].
وهي و (أوْ) يشتركان في الإعراب، لا في المعنى، وقيل: وفي المعنى[393].
و(أم) المتصلة: وَشَرْطُها أن تتقدّمَ همزةُ استفهامٍ، ويليها مفردٌ، أو مقدّرٌ به، نحو: أزيدٌ عندك أم عمرو؟، و: أقام زيدٌ أم قعد؟ وإلا كانتْ منقطعةً.
ومعنى المتّصلةِ: أيّهما عندك ؟ وجوابُها يعتبر أحدهما.
ومعنى [المنقطعة][394]: (بَلْ) والهمزةُ معاً، وقيل: معنى (بَلْ)[395].
و(بَلْ): لإثبات الحُكْمِ للثاني دون الأوّل، نحو: قام زيدٌ بن عمروٌ، والنفيُ كالإيجابِ، نحو: ما قام زيدٌ بل عمروٌ، أي: قام، وذهب المبرّدُ[396] إلى أنّه يجوزُ أنْ يكونَ تقديرُهُ: بل ما قام.
و(لكنْ): ومعناها الاستدراكُ.
وَشَرْطُها: أن يتقدّمها نفيٌ، أو نهيٌ، نحو: ما قام زيدٌ لكنْ عمرٌو، ولا تضربْ زيداً لكنْ عَمْراً. ومذهبُ يونسَ[397] أنّها غيرُ عاطفةٍ، ويؤوّل ما بعدها على تقدير فعلٍ.
و(لا) لإخراجٍ من حُكْمِ الأوّلِ.
وَشَرْطُها أنْ يتقدّمَها إيجابٌ، أو أمرٌ، نحو: قام زيدٌ لا عمرٌو، واضربْ زيداً لا عَمْراً.
وفي العطفِ بها بعد الماضي خلاف[398]، وفي الصحيحِ جوازُهُ؛ لورودِهِ، نحو:
42- كأنَّ دِثاراً حَلَّقَتْ / بِلَبُونِهِ [6ب]
عُقابُ تَنُوفَى لا عُقابُ القَواعِلِ[399]
وهذه الأربعةُ تشترك في الإعراب دون المعنى، وشرطُ العطفِ بها وقوعُ المفردِ بعدها.
وزاد الكوفيّون[400] في حروفه (ليس)، كقوله:
43- لَهَفي عليك لِلَهْفَةٍ من خائفٍ
يبغي جوارك حين ليس مُجيرُ[401]
و(كيف)، و(أين)، [و] (هلا)[402]، كقولهم: ما أكلتُ لحماً، فكيف شحماً؟، وما يعجبني لحمٌ، فكيف شحمٌ ؟، جاء زيدٌ، فأين عمرٌو؟[403]، وهو عند أصحابنا متأوّل[404].
وزاد بعضهم[405] (أي) التفسيريّة الواقع بعدها مفردٌ، نحو: جاءني الضرغام، أي: الأسد.
ومنها النداء:
وحُرُوفُهُ: عند البصريّين[406] خمسةٌ: (يا)، و(أيا)، و(هيا)، و(أي)، وهي للبعيد مسافةً أو حكماً، والهمزة للقريب فقط، و(وا) للمندوب خاصّةً.
وذهب المبرّدُ إلى أنّ (يا) و(هيا) للبعيد، والهمزة للقريب، و(أي) للمتوسط، و(يا) للجميع. وزاد الكوفيّون[407] في نداءِ البعيد (آ)[408] و(آي)[409].
ومنها التحضيض:
وَحُرُوفُهُ أربعة[410]: (ألا)، و(هلا)، و(لولا)، و(لوما).
ولا يليها إلا الفعلُ أو معمولُهُ، نحو: هلا ضَربتَ زيداً، وهلا زيداً ضربتَ.
ومنها التنبيه:
وَحُرُوفُهُ[411]: (ألا)، و(أيا)، و(ها)، و(يا).
ومنها الردع: وحرفُهُ: (كلا)[412]، وقيل: إنّها بمعنى:
حقاً[413]، وقيل: بمعنى (سوف)[414]، وقيل: بمعنى (نَعَمْ)[415]، وقيل: تكون ردّاً لكلام قبلها، فيجوزُ الوقفُ عليها، وما بعدها استئنافٌ، ولصلة الكلام فهي بمنزلة (أي)[416]، وقيل: تكون ردّاً للكلام الأوّل، وبمعنى (ألا) الاستفتاحيّة[417].
ومنها التنفيس:
وَحُرُوفُهُ[418]: (سَوْف)، و(سَوْ)، و(سَفَ)، و(سَيْ)[419]: هذه مُقْتَطَعَةٌ من (سَوْفَ).
وأما السين فالأظهرُ أنّها غير مُقْتطَعَةٍ منها[420]، وكلّها تخلّصُ المضارعَ للاستقبال. و(سوف) أكثر تنفيساً من السين[421].
ومنها الجواب:
وَحُرُوفُهُ[422]: (نَعَمْ)، و(بلى)، و(أجَلْ)، و(إنّ) – بمعنى (نَعَمْ)[423] –، و(إيْ)، و(جَيْرِ)، وقيل: هي اسم[424].
ومنها الاستفهام:
وَحُرُوفُهُ[425]: الهمزة، و(هل)، و(أم) المتصلة.
وأمّا المنفصلة فمعناها الإضراب والاستفهام معاً، والإضراب إمّا إبطالٌ لما سَبَقَ، أو تركٌ له وأخْذٌ في غيره[426].
ومنها التَّوقُّعُ:
وحرفاه: (قد)، و(لعلّ).
وقيل في (قد)[427]: إنْ دخل على المضارع لفظاً ومعنّى فتوقّعٌ، وإنْ دخل على الماضي لفظاً ومعنًى، أو معنًى، فتحقيقٌ، نحو: قد قام زيدٌ، و "قد يعلمُ ما أنتم عليه"[428]، وقيل[429]: تقليلٌ مع الاستقبال، وتقريبٌ مع الماضي.
ومنها التعريف:
وحرفاه: (الْ)، وقيل: اللام وحدها[430]، ومرادِفُها، وهو / (أم)، كقوله [7أ] عليه الصلاة والسلام: (ليس من امبرِّ امصيامُ في امسفرِ)[431].
ومنها الاستثناء:
وَحُرُوفُهُ: (إلا)، و(حاشا) عند سيبويه[432]، و(خلا) و(عدا) إذا خُفِضَ ما بعدهما.
ومنها الفصل[433].
وصورتُهُ صورةُ ضميرٍ مرفوعٍ منفصلٍ، كـ: أنا، وأنت، وهو، وفروعها، وقيل: إنّه اسمٌ، ولا موضعَ له من الإعراب[434]، وقيل: له موضعٌ، ويتبعُ ما قبله[435]، وقيل: ما بعده[436].
ومنها التفسير:
وحرفاه[437]: (أنْ)، و(أيْ)، وَشَرْطُ إثباتِها بعد جملةٍ مُضمّنةٍ معنى القول، نحو: ناديتُهُ أنْ اضربْ زيداً، و(أي) تأتي تفسيراً للجملة وللمفرد، ويوافق ما بعدها لما قبلها في الإعراب، نحو: جاء الضرغامُ، أي: الأسدُ، ومن ثمّ قيل: إنّها حرفُ عطفٍ[438].
ومنها التفصيل:
وَحُرُوفُهُ: (إمّا)، و(أو) العاطفتان في أحد محاملهما[439]، كقوله تعالى: "كونوا هوداً أو نصارى"[440]، و(أمّا) الشرطيّة، نحو: أمّا زيدٌ فقائمٌ، وأمّا عمرٌو فجالسٌ، وليس لازماً لها[441].
ومنها المعيّة:
وَحُرُوفُهُ: (الواو) في باب المفعول معه، و(إلى) بمعنى (مع) على قول[442]، كقوله تعالى: "إلى المرافق"[443]، و(معْ) الساكنة العين على القول بحرفيّتها[444].
ومنها النفي:
وَحُرُوفُهُ: (ما)، و(لا)، و(لات)، و(إنْ)، و(لم)، و(لمّا)، و(لن)، و(ليس) على أنّها حرف[445].
ومنها النهي: وَحَرْفُهُ: (لا).
ومنها الأمر:
وحرفه: لامٌ مكسورةٌ داخلةٌ على المضارع جازمةٌ له، وبعض العرب يفتحها[446]، وإذا تقدّمها واوٌ، أو فاءٌ، أو (ثمّ)[447] جازَ تسكينُها، كقوله تعالى: "ثمّ لْيقضوا"[448]، "فَلْينظر"[449]، "ولْيطوّفوا"[450].
ومنها الشرط:
وَحُرُوفُهُ: (إنْ)، و(إذما)[451]، و(أمّا)، وزاد بعضهم (لو)[452]، و(لولا)[453].
ومنها الزيادة:
وحروفها: (إنْ)، و(أنْ)، [و(لا)][454]، و(ما)، و(مِنْ)، والباء، واللام، نحو: ما إنْ زيدٌ قائمٌ، وكقوله عزَّ وجلَّ: "فلمّا أنْ جاءَ البشيرُ"[455]، "ما مَنَعَكَ أنْ لا تَسْجُدَ"[456]، "فَبِمَا نَقْضِهم"[457]، "مالكُمْ مِنْ إلهٍ غَيْرُهُ"[458]، "وما ربُّك بِغافِلٍ"[459]، "إلا أنّهم ليأكلون"[460] بفتح أنّ[461].
ومنها التأنيث: وَحُرُوفُهُ: التاء، والألف المقصورة، أو الممدودة.
ومنها التأكيد: وَحُرُوفُهُ: (إنّ)، و(أنّ)، واللام، والنون شديدةً وخفيفةً، كقوله تعالى: "ليسجننّ وليكوننْ"[462].
ومنها الندبة: وَحَرْفُهُ الألف، نحو: وازيداه، والهاء التي تلحقه للوقف.
ومنها الخطاب: وحرفاه: الكاف في نحو: ذلك، وفي النَّجَاكَ[463]، وفي نحو: أرأيتَكَ، أبْصِرْكَ زيداً، وفروعها، والثاني: أنت.
ومنها التعجب: وحرفاه: لام الجرّ، نحو: يا لَلْعَجَبِ، ويلزمها في القَسَمِ[464]، والنافية، ولا يلزمها.
ومنها التشبيه: وحرفاه: الكاف، و(كأنّ)، مركّبةً منها ومن (إنّ)[465].
ومنها التمنّي: وَحَرْفُهُ (ليت). / [7ب]
ومنها الترجّي: وَحَرْفُهُ (لعلّ).
ومنها الاستدراك: وَحَرْفُهُ (لكنّ).
ومنها الغاية: وحرفاه: (حتّى)، و(إلى).
ومنها التقليل: وَحَرْفُهُ (رُبّ).
ومنها الابتداء: وَحُرُوفُهُ: (إنّ) وأخواتها إذا كفّت بـ(ما)، و(هل)، و(بل)، و(لكنْ)، و(حتّى) إذا وقعتْ بعدها جملةٌ، نحو: إنّما زيدٌ قائمٌ، وهل زيدٌ قائمٌ، وما زيدٌ لكنْ عمرٌو قائمٌ، وأكلتُ السمكةَ حتّى رأسُها مأكولٌ، وما قام زيدٌ، بل عمرٌو قائمٌ.
ومنها العِوَضُ: وَحَرْفُهُ (ما)، في نحو:
44- أبا خُراشةَ أمّا أنت ذا نفرٍ
فإنّ قوميَ لم تأكلْهُمُ الضَّبُعُ[466]
أي: لأنْ كنتَ، فَحُذِفَتْ (كان)، وعُوِّضَتْ (ما)، ولذا لم يُجْمَعْ بينهما، وانفصل[467] الضميرُ، وصارتْ (ما) رافعةً له، ناصبةً للخبر، بحقِّ العوضيّة.
ومنها التحقيق: وَحرْفُهُ[468] (قد) مع الماضي.
ومنها الإضراب: وحرفاه: (بل)، و(أم) المنفصلة لكن مع الهمزة، وقيل: تقدّر بـ(بل) وحدها[469].
ومنها الدعاء: وَحَرْفُهُ (لا)، نحو: لا عَذَّبَ اللهُ زيداً، وزاد بعضُهُمْ (لَنْ)[470]، نحو: لن يرحمَ اللهُ زيداً.
ومنها كفٌ وتهيئةٌ:
وَحَرْفُهُ (ما)، وتلحق (إنَّ) وأخواتها، فإن جاءتْ بعدها جملةٌ اسميّةٌ فكافّةٌ، أي: مانعةٌ لها من العمل، وإن كانتْ فعليّةً فمهيِّئةٌ، وكذا (رُبَّ)، والكافُ على خلافٍ فيها[471].
ومنها التسوية:
وَحَرْفُهُ الهمزة، نحو: ما عليّ أقمتَ أم قعدتَ، ولا أدري أقامَ زيدٌ أم قعدَ، ولا يجيء الفعل بعدها إلا ماضياً.
ومنها التعدية: وحرفاه: الهمزة، والباء، نحو: أقَمْتُ زيداً، ومررتُ به.
ومنها التعليل:
وحَرُوُفُهُ: اللام، نحو: "ليحكمَ"[472]، و(مِنْ)، نحو: قمتُ من أجلِ عمرٍو، والباء، كقوله تعالى: "فبظلمٍ"[473]، و(كي)، نحو: جئت كي أكرمَك، و(حتّى)، نحو: وَثَبْتُ حتّى آخذَ بيده، و(في)، كما روي أنّ امرأة دخلتِ النارَ[474] في هرّةٍ[475]، أي: بسبب هِرّة.
ومنها المصدر:
وَحُرُوفُهُ: (أنْ)، و(أنّ)، و(كي) في أحد قسميها، و(ما) على أنّها حرفٌ[476]، و(الذي)، و(لو)، وفي مصدريّتها خلافٌ[477].
ومنها التقرير، وَحَرْفُهُ الهمزة، كقوله تعالى: "ألم نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ"[478].
ومنها التوبيخ: وَحَرْفُهُ (هلا)، نحو: هلا صليتَ.
ومنها الإيجاب:
وحرفاه: (إلا) بعد نفيٍ، أو نهيٍ، أو استفهامٍ، و(لمّا)، نحو: ما قامَ إلا زيدٌ، وهل يضربُ إلا زيدٌ؟ ولا يضربُ إلا زيدٌ، وكقوله تعالى: "إنْ كلُّ نَفْسٍ لمّا عَلَيها حافظ"[479].
ومنها العَرْضُ: وحرفُهُ (ألا)، نحو: ألا تنزلُ عندنا.
ومنها وجوب لوجوب:
وَحَرْفُهُ (لمّا) الجازمةُ وغيرُ المرادفة لـ(إلا)[480]، نحو: عمرٌو[481] لمّا قامَ زيدٌ قامَ زيدٌ، وذهب الفارسيُّ إلى أنّها ظرفٌ[482].
ومنها امتناع لامتناع:
وَحَرْفُهُ (لَوْ)، وعبارةُ سيبويه[483] فيها: حرفٌ لما كان سيقعُ[484] لوقوعِ غيرِهِ، وهو المطّردُ فيها[485].
ومنها امتناع لوجود: وحرفُهُ (لولا) غيرُ التحضيضيّة، نحو: لولا زيدٌ لأكرمتُك، ويلزمُ على عبارةِ سيبويهِ في (لو) أنْ تكونَ (لولا) حرفاً لما كان سيقعُ[486] لانتفاءِ ما قبله[487].
ومنها الإنكار:
وَحَرْفُهُ: ألِفٌ، أو واوٌ، أو ياءٌ مُرْدَفَةٌ بهاءِ سكتٍ، نحو: عَمْراه، لمن قال: رأيت عَمْراً، و: عَمْرُوه، لمن قال: [جاء عَمرٌو، و: عَمْرِيه، لمن قال][488] مررتُ بعمرٍو[489]، و: أزيدُ ِنيه[490]، لمن قال: [زيد][491].
[ومنها التذكّر:
وَحَرْفُهُ: ألِفٌ، أو واوٌ، أو ياءٌ، من جنس حركة ما تقف عليه، نحو: قالا][492]، ويقولو، [ومن العامي][493]، فإنْ كان آخرُهُ ساكناً، وهو حرفُ مدٍّ ولينٍ أُشْبِعَ مَدُّهُ، نحو: القاضي، وإلا كُسِرَ، وأُلْحِقَ الحرفَ، نحو: زيدِي، وقَدِي[494]، والله أعلم.
تمت معاني حروف العربيّة للشيخ الإمام العالم العلامة أبي إسحاق برهان الدين إبراهيم بن الشيخ الإمام أبي عبدالله شمس الدين محمّد بن إبراهيم النحويّ الصفاقسيّ القيسيّ المالكيّ [صاحب إعراب القرآن] – رحمه الله تعالى وسائر المسلمين أجمعين. ثبت المصادر والمراجع: - ائتلاف النصرة في اختلاف نحاة الكوفة والبصرة / لعبداللطيف بن أبي بكر الشَّرجيّ الزّبيديّ، تحقيق: د/ طارق الجنابي، ط1، سنة 1407هـ، عالم الكتب، بيروت.
- ابن الطراوة النحويّ للدكتور / عيّاد بن عيد الثبيتيّ، ط1، سنة 1403هـ، من مطبوعات نادي الطّائف الأدبيّ.
| |
|
cartoon المدير العام
رقم العضويه : 1 عدد المساهمات : 186 تاريخ التسجيل : 31/07/2010 الموقع : kuwait
| موضوع: رد: التحفة الوفية بمعاني حروف العربية إبراهيم بن محمد بن إبراهيم السفاقسي 742هـ / الجزء الثاني الجمعة أغسطس 06, 2010 2:17 am | |
| الغالى ابو علاوى الله يجزاك الف خير على ما قدمت وبارك الله فيك وشاكر لك مجهود رائع والله يجزاك الف خير على ما قدمت من معلومات وامثله رائعه | |
|